" النجمة المسافرة " قصة جميلة للأطفال الصغار

قصة النجمة المسافرة هي واحدة من قصص الأطفال الجميلة والممتعة، فهي تُعلم الأطفال أهمية الصداقة وحب الفضول واكتشاف العوالم الجديدة، حيث أنها تُظهر لنا أن لكل مكان جماله وأهميته، وأننا نستطيع دائمًا أن نتعلم من الآخرين حتى وإن كانوا مختلفين عنا تمامًا، وتذكّرنا القصة بأن السماء والأرض رغم تباعدهما فهما مرتبطتان بصداقة غير مرئية، تمامًا مثل صداقة نجمة صغيرة ومجموعة من الحيوانات الصحراوية الشجاعة.

قصة النجمة المسافرة للأطفال 

" النجمة المسافرة " قصة جميلة للأطفال الصغار

في إحدى ليالي الصيف الدافئة، كانت نجمة صغيرة لامعة تُدعى "نونا" تتلألأ في السماء البعيدة، لكن نونا لم تكن كأي نجمة أخرى، فهي لم تكتفِ بمراقبة العالم من بعيد، بل كانت تحلم دائمًا باكتشافه عن قرب، كانت تتأمل الأرض تحتها، وتتخيل الأشجار الشاهقة والأنهار المتدفقة والحيوانات التي تتحرك أسفلها، كانت تتمنى أن تخرج من مكانها في السماء وتخوض مغامرة على الأرض.

ذات ليلة، شاهدت نونا شهابًا يمر في السماء تاركًا وراءه ذيلًا من الضوء، تمنّت النجمة نونا بلهفة لو كانت في مكانه، أرادت أن تتحول هي الأخرى إلى شهاب وتنزل إلى الأرض، وفجأة حدث أمر غريب! بدأ ضوء نونا يزداد سطوعًا، ثم شعرت بدوران شديد ثم بسقوط حر.

سقطت النجمة نونا بسرعة هائلة حتى اخترقت الغلاف الجوي ووصلت إلى الأرض، هبطت وسط صحراء واسعة مغطاة برمال ذهبية ناعمة، في تلك اللحظة شعرت نونا بالخوف والوحدة، فهي لم ترَ سوى سماء داكنة مليئة بنجوم أخرى بعيدة، ولا تعرف شيئًا عن هذا العالم الجديد.

لكن فضول النجمة سرعان ما تغلب على خوفها فنهضت بنفسها وأخذت تتأمل المكان، لاحظت سحلية صغيرة ذات جلد بني تتسلل بين الصخور، اقتربت نونا من السحلية بحذر وخاطبتها بصوت خافت: "مرحباً، أنا نجمة صغيرة اسمي نونا، لقد سقطت من السماء، هل تستطيعين مساعدتي؟"

إقرأ كذلك: "قصة الوصية الغريبة" حكاية ما قبل النوم للأطفال والكبار

نظرت السحلية إلى نونا باستغراب وقالت: "نجمة صغيرة؟ لم أرَ نجمة تسقط من السماء من قبل! لكن لا بأس، سأساعدك بكل سرور، تعالي سأريك المكان المناسب لتستريحي فيه".

تبعت نونا السحلية وهي تقودها بين الصخور حتى وصلتا إلى كهف صغير، دخلت نونا إلى الكهف فشعرت بالراحة والأمان، ثم شكرت السحلية التي قدمت لها بعض قطرات الندى لتشرب.

عرّفت السحلية بنفسها وقالت أنها تدعى"سلمى"، وأخبرت النجمة أن الحياة في الصحراء قاسية، وأن الشمس تسطع بشدة خلال النهار والليالي باردة جدًا، كما شرحت لها أهمية حَفْر حُفَر صغيرة تحت الأرض للإحتماء من أشعة الشمس، ودلتها على كيفية العثور على قطرات الندى على أوراق النباتات في الصباح الباكر.

استمرت النجمة الصغيرة في العيش في كهفها الصغير برفقة صديقتها سلمى، فتعلمت منها الكثير عن أسرار الحياة في الصحراء، واكتشفت عالمًا جديدًا مليئًا بالمخلوقات الصغيرة، حيث قابلت جربوعًا مرحًا يُدعى "زياد"، وكان يُخَزِّن الحبوب في جحره قبل أن يخرج ليلعب مع نونا تحت ضوء القمر، كما صادقت أيضًا ثعلبًا حكيمًا يُدعى "عمر"، علّمها كيفية تتبع آثار الحيوانات للعثور على الطعام والماء.

وفي إحدى الليالي بينما كانت نونا تتأمل السماء، رأت مجموعة من الضباع تضحك بصخب فشعرت بالخوف وسألت صديقتها سلمى عنهم، ابتسمت السحلية سلمى بهدوء وقالت: "لا تقلقي، الضباع قد تكون مزعجة، لكنها لن تؤذينا، فنحن جميعًا نتعايش في هذه الصحراء".

تعلمت نونا من الحيوانات دروسًا قيمة عن التعاون والصداقة، حين شاهدت مجموعة من النمل وهي تتعاون على حمل بقايا حشرة أكبر منها إلى مستعمرتها، كما راقبت مجموعة من الغزلان وهي ترعى معًا وتحذر بعضها البعض من أي خطر يهددها.

مع مرور الوقت، بدأت نونا تشعر بالحنين إلى مكانها في السماء، كانت تفتقد عائلتها وأصدقائها النجوم، وتتوق إلى رؤية سماء الليل من الأعلى مرة أخرى، لكنها في الوقت نفسه لم تكن تريد أن تترك أصدقاءها الجدد على الأرض. 

في ليلة مقمرة صافية بينما كانت نونا تتحدث مع صديقها عمر الثعلب، شاهدت شهابًا آخر يضيء السماء الساكنة، فتذكرّت نونا أمنيتها وعرفت أن الوقت قد حان للعودة إلى مكانها، شعرت بحزن عميق لفراق أصدقائها، لكنها وعدتهم بأنها لن تنساهم أبدًا، ودّعت نونا سلمى وزياد وعمر بحرارة، ووعدتهم بزيارتهم مرة أخرى إذا أتيحت لها الفرصة.

فجأة، ظهر الشهاب أمام نونا، وهو يشير إليها أن تركب، ركبت نونا ظهر الشهاب الذي بدأ يلمع أكثر فأكثر، ودعت الأرض وأصدقائها الحيوانات بآخر نظرة، ثم انطلق الشهاب بسرعة هائلة صعودًا نحو السماء.

خلال صعودها، شعرت نونا بمزيج من المشاعر، فقد كانت سعيدة بالعودة إلى عائلتها وأصدقائها النجوم، لكنها حزينة لفراق أصدقائها الجدد، شاهدت الأرض وهي تصغر تحتها حتى أصبحت مجرد كرة زرقاء صغيرة معلقة في الظلام.

وصلت نونا أخيرًا إلى مكانها في السماء، فاستقبلتها عائلتها وأصدقائها النجوم بفرحة غامرة، روت لهم قصص مغامراتها على الأرض، وشعرت بالفخر وهي تتحدث عن أصدقائها من الحيوانات وما تعلمته منهم.

استمع النجوم الآخرون باهتمام إلى ما حكته نونا، وقد تفاجأوا بعالم الأرض المليء بالكائنات الحية المختلفة، أدركوا أن الحياة على الأرض كانت فريدة ومثيرة، وأن لديهم الكثير ليتعلموه عنها.

منذ ذلك اليوم، أصبحت نونا نجمة مميزة بين النجوم الأخرى، فهي لم تعد مجرد نجمة صغيرة لامعة، بل كانت نجمة حكيمة ومغامرة، كانت تشارك قصصها عن الأرض مع النجوم الأخرى، وتلهمهم بالفضول والرغبة في اكتشاف عالم جديد.

وعلى الأرض، لم تنسى سلمى وزياد وعمر صديقتهم النجمة، كلما نظروا إلى السماء المليئة بالنجوم، كانوا يبحثون عن النجمة نونا اللامعة، وكانوا يعلمون أنها تراقبهم من بعيد، وأن صداقتهم ستبقى راسخة مهما ابتعدت المسافات.




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-